طفلٌ في ايام الاربعينَ

تموتُ والدتهُ اثناء ولادتهُ

لهُ اخً في السابعة من عمره

كانَ حاضراً في ذلك الحين

الطفلُ الرضيع غير جائع

ذو السابعةَ من العمر سُئلَ

ذاتَ يوم ! أين أمكَ ؟

أخذَ يثرمُ الكلماتَ ...

ويتَمتمُ هلوساتْ...

تعود لعمر السبعين !

قالَ : "أمي هي أنا "

حينما كنتُ في ذلكَ العمر ...

وأخي حينما كانَ في ذلكَ العمر...

بزفير الفقدِ اخذَ يحوكُ خيط الهذيان...

أخي في العشرينَ يحملُ ثقلَ الجبال...

في جمجمتهُ التي خُرَقت بوفاة أمي !

حينما يبكي يتصورُ لي انهُ يَغرق ...

كمسمارٌ دقَ في رأسهُ الرخو ...

وهو يطيرُ في بركةُ ماءً وسطَ جزيرةً ...

مرة اخرى يجري تائهً في غابة ...

يزحفُ بين الاشجارِ والأحجارِ ...

و انا اعلمُ ان الاسودُ و الضباعُ

تملأ الغابة... كيف اصنع !

فجأة يستيقظ ذلك الأخ !

آهً آهً ماذا جرى أكنتُ أحلمُ يا ألَهي !

أين يسرُقني الحلمُ الوغدُ!

ينظرُ لنفسهُ وهو مسُتلقِ

على أرضية الغرفة الخشبية

يحاولُ الخروج ...

صدمةٌ أُخرى!

يرى نفسهُ والغرفةُ فوقَ شجرةً كبيرة

ولو لمْ ينتبه للباب لَسقطَ مَنْ الأعلى

ركضَ لِسرير الطفل الرضيع

ولازالت اثارُ النعاسِ

تعدمُ التركيز في عينيه

ركضَ من هنا وهناك لمْ يجد لهُ اثراً

نظرَ مَنْ اعلى الغرفة

وجدَ أغصان كالحِبال كثيفة

ممتدة مَنْ البابِ الى الأرضِ

انزلقَ وهبطَ على أوراقِ الأشجار

ركضَ حافي القدمينِ بملابسَ نومهُ

في قعرِ سيقان الاشجار تائه...

يركضُ ويطلق الصيحاتْ على الطفل!

أمي أمي أمي ...

يأخذُ قسطاً مْنَ الراحة

و مَنْ حولهُ الطيور

و القردة والافاعي المترقبة

يندفعُ ويلقي نفسهُ على جذعِ شجرةً

يأخذُ نفساً لَيجري مرة اخرى

تهاجمهُ خليهُ نحل غاضبة

تلقنهُ درساً ويهربُ مفزوعاً

ويجري ويصيحُ

أمي أمي ... على الطفل!

ينتهي جريانهُ وبحثه

بكوخً من القصب والاغصان

امامهُ موقد وقدح من الفخارِ يحملُ ماءً

وشيء من طعامِ الشواء

يأخذُ بضعة من الماء ليشرب

والخوفُ مسيطر على كفاه

يرتجفُ ويهتزُ القدحُ لُيكسر

تخرجُ عجوز من الكوخ

تكادُ عيناها تغلق من كبرِ سنها

لم تنطق بحرف واحد

اشارة لهُ بعصاها الى فتحة الكوخ

دخلَ ليرى .... اندهشَ فجأة!

يرى الطفل نائم وآمن

يخبرُ العجوز انهُ متعب

ودرجة حرارة جسدهُ مرتفعة

يطلبُ منها ان ينامَ في الكوخ

لوقت وجيز ...

فترحب به ؛ ينامُ بينما العجوز تفكرُ ان تساعدهُ ...

احضرت قدحً من الماء البارد

وقطعة قماش مبللة

اخذتْ تمسحُ على جبينه

فزعَ الشابُ مندفعاً من حلم آخر

أمهُ كانت تخففُ درجات حرارة مرضه

كانَ "الطفلُ" زوجته

التي يناديها أمي أمي أمي ولاتستجيب في الحلم...

جعلتهُ يجري ويجري ومر بمتاعب و لم يجدها ؛

أما العجوز كانت أمه!

التي انقذتهُ هو

و زوجتهُ .

[size=49]

[/size]

___________